الخميس، 12 فبراير 2009

رأيت بعينى يأجوج ومأجوج

بسم الله الرحمن الرحيم
ربنا افتخ بيننا وبين قومنا بالحق وانت خير الفاتحين
ابدأ بالشكر لأختى الفاضلة زهرة الكاميليا التى ساعدتنى على ان اكتب اول حرف لى هنا


رأيت بعينى يأجوج ومأجوج

الساعة تقترب من الثانية صباحاً وكنت فى غاية الاجهاد لكنى لم استطع الا ان اجلس مفتوح العينين مشدود الى الفيلم الوثائقى الهام عن صناعة الجينز فى الصين فلقد اكتشفت اننا قد خرجنا من التاريخ ولا مستقبل لنا وحسبنا الله ونعم الوكيل يتحدث الفيلم عن ياسمين فتاة صينية اكملت 17 سنة قررت ان تترك البيت المكون من والد ووالدة تخطيا الخمسين عاما واخت لم نراها فى الفيلم تصحوا قبل شروق الشمس وتحمل شنطة بسيطة على ظهرها وتمسك بمائة يوان صينى (يعادل 20 دولار تقريباً ) هى كل ما تحصلت عليه من والديها تقرر والدتها توصيلها لمحطة الحافلات فينهرها والدها فلديهم اليوم اعمال كبيرة بالحقل فى الحقل العمل شاق فيزرعون الارز والقمح بأقل الامكانات مما يجعلهم يرجعون مع غروب الشمس كل يوم بقليل من الزاد فالحياة فى الريف الصينى مريرة جدا تركب ياسمين الحافلة متجهة الى مقاطعة تشين على ما اتذكر وتصل الى محطة القطارات وتسأل عن اقل سعر لتذكرة القطار لم اكن اتصور اننى سأنام فى القطار فلقد قطع المسافة فى يومين واخيرا وصلت ياسمين الى المقاطعة واتجهت الى احد المصانع وسألت الحارث الديكم عمل ... اتركى شنطة ملابسك واصعدى لأعلى تستقبلها مشرفة المصنع ونخبرها ان عليها تنظيف البنطلونات الجينز من الخيوط الزائدة وتنظيفها بالفرشاة على اكمل وجه وتضع امامها كومة من البطالونات كالجبل بحيث اختفت ورائها .. الدوام من الثامنة صباحاً وحتى السادسة مساءاً وعليها ان تنظف ما يقارب المائتين الى مائتين وخمسون بنطلون تنتقل الكاميرا الى صاحب المصنع شرطى سابق اقام المصنع ويراقب العمال بكاميرات فى كل شبر فى المصنع فى المصنع ممنوع التحدث من الزميلات ودخول دورات المياه مسموح به مرتين فى اليوم فقط هناك ساعة للغذاء والغذاء عبارة عن عجينة بصحن صينى كصحون الشربة لا ادرى نوع الطعام ربما بطاطس مسلوقة مضاف اليها بعض الاعشاب طابور طويل من البنات تأخذ كل واحدة كبشة من الطعام بطبقها وتلتهمها بسرعةحتى تستطيع ان تصعد لأعلى حيث السكن يوفره المصنع لغسيل ملابسها فلقد جائت طلبية كبيرة وعليهم السهر اليوم .. الساعة الآن العاشرة صباح اليوم التالى والعاملات لم يذهبن للنوم اى انهن فى عمل منذ حوالى ثمانية وعشرون ساعة استمر العمل الى السادسة مساءاً اى ستة وثلاثون ساعة متواصلة تنتقل الكاميرا الى المشرفة وقد ضبطت احدى العملات وقد نامت من الاجهاد واخذت تعنفها وتهددها بالفصل .. فى نهاية اليوم التالى تذهب ياسمين منهكة القوى الى غرفتها المشتركة مع زميلة لها نعرف ان عمرها 14 سنة لكنها زورت البطاقة لستة عشرة حتى تستطيع العمل وترسل بعض النقود لوالديها فى الريف ايضا الغرفة ضيقة جدا وبالدور حمام مشترك لا يتعدى المتر المربع وحياة مليئة بالبؤس تنتقل الكاميرا الى صاحب المصنع الذى يقابل احد العملا ويتفقان على طلبية بسعر اربعة دولارات وربع او اقل ويشرح طاحب المصنع انه معذور فهو لا يستطيع ان يناور فى السعر وعليه ضغط تكاليفه والقبول بأقل سعر حتى لا تضيع الطلبية نعرف ان سكة حديد فرنسا تلبس من مصنعة ونرى تاجر هندى يتفق على طلبية كبيرة وتاجر آخر من الخليج يتحدث صاحب المصنع انه يصنع لحساب اكبر الماركات كليفيز مثلا التى يباع البنطلون الواحد منها بأكثر من 30 دولار.. اليوم يوم القبض للرواتب وقد حاول صاحب المصنع ان يؤجل الدفع فهدده العمال بالاضراب فأضطر الى الدفع تذهب ياسمين لقبض الراتب خمسة وثلاثون دولار فقط لاغير لكنها تفاجأ بأن اول راتب لا يصرف حيث يوضع كضمان حتى لا تهرب العاملة بعد اول شهر اى انه يضيع بالفعل تصور اكثر من 300 ساعة عمل مضنى مرهق مقابل لا شئ تأخذها زميلتها وتبحثان فى المدينة عن كوب شاى رخيص البائع على عربة بائسة والشاى بلا سكر لكنى سأشربة فهو الترفيه الوحيد .. بالمدينة تنتشر بيوت الرزيلة تحت ضغط الفقر والحاجة وتنتشر معها جرائم اخرى كالسرقة بالاكراه تستلف ياسمين من صديقتها بعض اليوانات وترسلها الى ابيها وتحدثه بأنها سعيدة بالعمل وتسرح وهى تكتب خواطرها فى ابيها وامها وكيف خالفا السلطات وانجبا اختها حيث لا تسمح الدولة بأكثر من طفل لكل اسرة ولكن بكل اسف لم ينجبا الولد بل انجبا اختا اخرى وتدور القصة مرة اخرى يوم جديد بالمصنع المغص يقطع احشاء ياسمين تشرب كوب من الماء الساخن فلا وقت لديها للذهاب الى الطبيب او حتى شراء مسكن للألم .. ينتهى الفيلم ويخبرنا المخرج انه فى ساعة الفيلم هذة انتجت العاملات 150بنطلون واستحققن عنه خمسة عشر دولار فقط لا غيراذهب الى النوم واتذكر ما نحن به من نعمة الكسل ورحرحة الشغل ونعيش ونأكل ونتزوج ونتزاور ونلعب ونشكوا ونلهوا واقول فى نفسى نحن نخاف من يأجوج ومأجوج ولقد رأيتهم بأم عينى فى الجزيرة الوثائقية

هناك تعليقان (2):

كاميليا بهاء الدين يقول...

كيف لـ حفيف الشجر أن لا يسمعنا ألحانه الهادئة ..

مرحباً بك فى عالم التدوين ..

الذى كسب نجم جديد ..

يمتلك قلم غاية فى الصدق والواقعية ..

سأتشرف بإضافة حفيف الشجر فى قائمة المفضلة عندى .. حتى تزيدنى نورا

كل الاحترام

reheema يقول...

فى طريق كل منا علامات وشخصيات تركت اثرها فينا ونظل ابد الدهر لا ننسى فضلها علينا وقد لا نستطيع ان نحدد وجها معينا من وجوه هذاالتأثير لكننا لاننكر هذا الفضل وذاك التأثير
شكرا زهرة الكامليا فلقد تعلمت وتأثرت بكتاباتك حتى لو لم اذكر ذلك من قبل .